تلعب مواقع التواصل الاجتماعي دوراً مهمّاً في طبيعة الحياة البشرية في العصر الحالي، حيث أصبح بإمكان مُستخدِميها التفاعُل بشكلٍ لا حدود له مع غيرهم من المُستخدِمين، ونشر أيّ نوعٍ من المعلومات، أو الأفكار، أو الصور عبرها، لذلك فهي تؤثّر بشكلٍ كبير على طبيعة العلاقات الاجتماعية وخاصةً الأسرية لمستخدميها.
وتؤثر مواقع التواصل على علاقات الفرد بأسرته لا سيما عند استخدامها بشكل مفرط أو غير صحيح، وقد أظهر تقرير لمؤشر الفتوى العالمي التابع لدار الإفتاء المصرية وهيئات الإفتاء فى العالم، في إطار تحليله لنحو (1200) فتوى رسمية وغير رسمية متعلقة بالطلاق فى العالم العربي خلال عام 2022، أن تساؤلات المستفتين والإجابة عنها أظهرت أن أسباب الطلاق تمحورت حول عوامل ثلاثة: الأول: هو العامل الاقتصادي بنسبة (43 بالمئة).
الثاني: كان اجتماعيًّا وأُسريًّا، وجاء بنسبة (37 بالمئة).
العامل الثالث: جاء بنسبة (20 بالمئة)، وكان خاصًّا بالوسائل التكنولوجية، وما يترتب عليها من إدمان الإنترنت من جانب أحد الزوجين أو كليهما؛ ما يؤدي للعزلة الأسرية وقد ينتهي الأمر بالطلاق.
إيمان شاهين، حاصلة على دكتوراة في إدارة المنزل ومؤسسات الأسرة والطفولة والتي أسست مبادرة ضد إدمان التواصل الاجتماعي أوضحت المظاهر التي تترتب على الاستخدام السيء لمواقع التواصل الاجتماعي من الناحية الأسرية:
• فقدان شعور أفراد الأسرة الواحدة بالأمان الأسري الذي يُعتبر مهمّاً لأيّ فردٍ فيها.
• إدمان التواصل الاجتماعي يؤدي لانشغال أفراد الأسرة كل بهاتفه، ما يتسبب في عدم تواصل أفراد الأسرة بالطريقة الصحيحة، الأمر الذي يحدُّ من امتلاكهم لمهارات التواصل وتكوين العلاقات الشخصية، وينعكس سلبا على تلاحم أفراد الأسرة وتفاعلهم مع بعضهم.
• مواقع التواصل الاجتماعي تساهم في حدوث الخلافات والمشكلات العائلية والزوجية بشكلٍ خاص في بعض الأحيان؛ نتيجةً لما يحدث من مُقارنات بين الحياة الأسرية لأحد أفراد الأسرة وما يراه عبر وسائل التواصل الاجتماعي، الأمر الذي يؤدّي بدوره إلى مشاعر الاستياء والإحباط.
• تقليد الأطفال لذويهم في استخدام تلك المواقع بشكل كبير، وهو ما قد يجعلهم عرضةً لخطر التعرّض للآثار السلبية لتلك المواقع مُستقبلاً.
• شعور الأطفال بقلة دعم آبائهم لهم وذلك نتيجة قيام الآباء باستخدام تلك المواقع بشكل كبير يؤثّر على التواصل مع أطفالهم إمكانية وصول الأطفال أو المُراهقين عبر مواقع التواصل الاجتماعي إلى محتوى لا يُناسب أعمارهم.
• احتمالية تعرّض المراهقين أو الأطفال إلى عمليات التنمّر الإلكتروني عبر تلك المواقع؛ وحدوث حالات القلق والاكتئاب عند الأطفال والمراهقين.
• لكن الأمر لا يرتبط بالجانب المظلم فقط فأحيانا يمكن أن تساهم وسائل التواصل الاجتماعي من جوانب أخرى في تماسك الأسرة حال استخدامها بشكل منضبط ما يترتب عليه:
• جمع شمل الأسرة، حيث يُمكن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي للتواصل مع أفراد الأسرة البعيدين عن بعضهم البعض ممّا يُقوّي العلاقات الأسرية بينهم.
• تشكيل مصدر لأفكار وأنشطة عائلية تُعزّز التواصل بين أفراد الأسرة وتقوّي علاقاتهم ببعضهم البعض.
• مُشاركة اللحظات العائلية الجميلة والذكريات السعيدة، فضلاً عن إمكانية مُشاركة مواقع الأماكن التي تُهمّ أفراد الأسرة جميعهم؛ كأماكن التنزّه، أو المطاعم، أو غيرها.
• مساعدة الأطفال على تعلّم أشياء جديدة، بالإضافة إلى تسهيل تبادل الأفكار بينهم وصقل مهاراتهم.
• منح الأطفال حرية التعبير عن الرأي، حيث تُشجّعهم مواقع التواصل الاجتماعي على إبداء آرائهم في بعض المواضيع.
• مساعدة الأطفال على التواصل بين أفراد الأسرة الممتدة وأصدقائهم.
• تطوير الخبرة التقنية لدى الأطفال وقدرتهم على فهم التكنولوجيا والتعامل معها.
وتوصي إيمان شاهين المتخصصة في إدارة المنزل بتقنين استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، وتحديد وقت مناسب لها في اليوم؛ فضلا عن مشاركة الأبناء في تحديد المحتويات التي تتم مشاهدتها حتى يتمكنوا من الاستفادة منها، والبعد قدر الإمكان عن سلبيات السوشيال ميديا.
0 Comments: